حكم توزيع الأرباح الناتجة عن استثمار الإرث

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]

وإذا مات الميت وترك مالا فنبدأ بتجهيزه ودفنه ثم سداد ديونه ثم تنفيذ وصاياه إن وجدت ثم يقسم الباقي بحسب نظام الميراث قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]

ولا يجوز لأحد أن يؤخر هذا التقسيم إلا لسبب شرعي فإن أخره أحدهم أثم ورفع الأمر إلى القاضي ليتولى ذلك بنفسه أو من ينوب عنه

فإن اتفق الورثة جميعا على إبقائه دون قسمة فلا بأس وإن اتفقوا على استثماره جميعا فلا بأس ويكونون شركاء بقدر الحصص لا بقدر الرءوس وذلك لأن الغرم بالغنم وهذا هو العدل لأن إعطاء كل ذي حق حقه مساواة وممن المعلوم أنه لا يشترط التساوي بين أسهم الشركاء فقد يكون نصيب شريك النصف والثاني الربع وهكذا فمن الظلم أن يعطى صاحب النصف من الربح كصاحب الربع بل يأخذ الأول من الربح سهمين ويأخذ الثاني سهما واحدا وهذا ما قرره الشرع والعقل أما أن أسوي بين صاحب النصف والربع والسدس فهذه المساواة ليست عدلا

ثم لو وزع المال على أصحابه وحركوه في التجارة لربح -غالبا- كل وارث بحسب نصيبه

وكونه لم يرد في القرآن والسنة نص في ذلك لا يعني أن نظلم الورثة لأن تأخير تقسيم الميراث لا يجوز إلا باتفاق ولا يمكن لأحد أن يتنازل عن حقه ويرضى بالأقل

وكون هذا المال دخل في التجارة فيأخذ حكمها صحيح لكن على عدد الأسهم لا عدد الرءوس لذا نقول لا مسوغ لقول الكاتب يجب التسوية بين الجميع لأنه مناف للعدل والعقل والمنطق ولا يجوز العمل بهذه الفتوى. والله أعلى وأعلم.

الشيخ عبد الباري محمد خلة