السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا حفظك الله أنا أعاني من مرض سلس البول عافاك الله منه منذ فترة طويلة وأقوم بالوضوء لكل صلاة عند دخول وقتها لكني أعاني كثيراً من مسح الملابس الداخلية وكذلك العضو البشري بكل صلاة وأحيانا أكون في ضيافة أحد الأقارب فأضطر لكل صلاة أن أتوضأ وأدخل الحمام لمسح مكان نزول البول، كما أنني أضطر بصلاة الجمعة أن أنتظر أن يدخل وقت الأذان لكي أتوضأ ومن ثم الذهاب إلى المسجد وكنت في الفترة السابقة أذهب قبل ساعتين للمسجد وعند قيام المؤذن بالنداء أقف أتوضأ مما سبب لي حرجا كبيرا فأصبحت أذهب لصلاة الجمعة وقت دخول الصلاة
لذلك أرجو منكم إفتائي بالمسالتين السابقتين، ومشكورين
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فيلزم دائم الحدث الوضوء لكل صلاة وبعد دخول الوقت ودليل ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تفعل ذلك فعن عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ قَالَ لا إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي حَدِيثِهِ وَقَالَ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ. رواه الترمذي بسند صحيح.
وعليه فيجب أن يتوضأ من معه سلس بول لكل صلاة فريضة ويجوز له أن يصلي النوافل بهذا الوضوء ويشترط أن يكون الوضوء بعد دخول الوقت
وإذا كان الوضوء بعد دخول الوقت يشق عليك مشقة زائدة، ويوقعك في شيء من الحرج، فلا بأس أن تتوضأ قبل دخول الوقت عند فريق من أهل العلم
بل إن مذهب الإمام مالك: أن الوضوء من الحدث الدائم مستحب وليس بواجب.
قال ابن عبد البر رحمه الله: "وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَا عَلَى صَاحِبِ السَّلَسِ وُضُوءًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بِهِ حَدَثًا .
وَقَدْ قَالَ عِكْرِمَةُ وَأَيُّوبُ وَغَيْرُهُمَا: سَوَاءٌ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَوْ دَمُ جُرْحٍ: لَا يُوجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وُضُوءًا.
وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ إِلَّا أَنْ تَغْسِلَ غُسْلًا وَاحِدًا ثُمَّ تَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ . وَالْوُضُوءُ عَلَيْهَا عِنْدَهُ اسْتِحْبَابٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ الدَّائِمَ ، فَوَجْهُ الْأَمْرِ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى المستحاضة غير وَاجِبٌ رَبِيعَةُ وَعِكْرِمَةُ وَأَيُّوبُ وَطَائِفَة " ابن عبد البر: التمهيد" (16/98) .
والخلاصة أنه ينبغي عليك أن تضع خرقة مكان نزول البول بحيث لا ينزل على الثياب فإذا أردت الصلاة رفعت الخرقة القديمة ووضعت أخرى مكانها وأما الذكر فاغسله واستنج وإذا وقع شيء من البول على ثوبك فاغسله واعلم أن الأجر على قدر المشقة. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري محمد خلة