فقه الوباء 6 : الجوائح

📌 #فقه_الوباء (٦)
🔸 الجوائح

الشّركاتُ الكُبرَى؛ كشركة الاتّصالات الفلسطينيّة، وشركة جوال والوطنيّة، ومثلها بنكُ فلسطين، وغيرُها ممّا على شاكلتِها، يلزمُها شرعاً أن تشاركَ في التّخفيفِ عن أهلِ قطاعِ غزّة، ويجبُ عليها مؤازرتُهم من أرباحِها الطائلةِ في محنةِ الوباءِ التي اجتمعَت عليهِم مَع الحصارِ، والفقرِ، وتآكلِ الرّواتبِ، والفقرِ، وقلّة ذاتِ اليدِ.

ولا يجوزُ لصاحبِ السّلطانِ في القطاعِ إعفاؤُهم مِن هذه التّبعةِ، ولا مسامحتِهم في بعضِ هذا الواجبِ، ولا مُصالحتُهم عليهِ؛ لأنّه حقٌّ لعامّةِ المُسلمينَ، وقَد أجمعَت الأمّةُ سلفاً وخلفاً على أنّ الغُرمَ بالغُنمِ [الأشباه، للسيوطي: 235]، والمعنَى إنّ مَن نالَ نفعَ شيءٍ يجبُ أن يتحمّلَ تَبِعتَه.

والفقراءُ لهم حقٌّ في هذِه الأموالِ المكدّسةِ والأرباحِ العاليةِ التي لا تُزكّى إلا قَليلا، ولا مَصلحةَ للنّاس في إسقاطِ هذه التّبعاتِ والواجباتِ عن تلكَ الشّركاتِ في زمنِ المَخمصةِ والوباءِ، فقد اتفق العلماءُ على أنّ التصرّفَ على الرعيّةِ منوطٌ بالمصلحةِ [شرح القواعد، للزرقا: 85].

ذلكَ أنّ هذه الشّركاتِ قد استوفَت على مدارِ عقودٍ أرباحَهَا مضاعفةً من جُيوبِ الغزيّينَ وأقواتِهم، وما قدّمت لهم إلا قليلَ الخدماتِ وبمقابلٍ عاجلٍ باهظٍ، عوضاً عن أكلِها جزءاً من أموالِ الناسِ بالباطلِ؛ كالمُعاملاتِ الرّبويّةِ التي تقومُ بها البُنوكُ الوطنيّة، والمَيْسرِ المُستترِِ خلفَ رسائلِ السُّحوباتِ الشهريّةِ التي تطلقُها الشركاتُ الخلويّة.

ولا يُعفيها من واجبِها أن تؤخّر استيفاءَ الفواتيرِ المُستحقّةِ، ولا تأجيلُ الأقساطِ الحالّةِ، ولا زيادةُ دقائقِ الاتصالِ، ورسائلِ الجوّالِ على نحوٍ دعائيٍّ يذرُّ الرّمادَ في العيونِ، بل يلزمُها المشاركةُ في إطعامِ الأفواهِ الجائعةِ، والإنفاقِ على الأسرِ الفقيرَةِ، وتوفيرِ الدواءِ والغذاءِ اللازمينِ للناسِ.

ألا هل بلّغتُ؟ اللهمّ فاشهَد.

✍️ محمد سليمان نصر الله الفرا
الاثنين 13 محرم 1442 هـ
الـمـوافـق 1 أيلول 2020 م