استثمار الوقت في زمن الوباء: رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا

رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا

الرسالة الثامنة:
استثمار الوقت في زمن الوباء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ. أما بعد:
إن الحياة قصيرة، والأيام تمضي فيها سريعة، وإن من أعظمَ المصائِبِ والخسارات، الحسرةُ على ضياعِ الأوقات، ومُضِيِّ الساعات بدون اغتنامها في الخير والطاعات. ألا ترى أنك بالأمس كنت طفلاً وأصبحت اليوم شاباً، بالأمس كنت شاباً وأنت اليوم عجوز كبير. 

💡عندما تنتهي السنين الطوال والليالي العراض فإذا هي وكأنها يوم واحد. 
إن هذا ما يستشعره الإنسان يوم القيامة عندما يوقف للحساب: ﴿وَيَومَ يَحشُرُهُم كَأَن لَم يَلبَثوا إِلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفونَ بَينَهُم قَد خَسِرَ الَّذينَ كَذَّبوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانوا مُهتَدينَ﴾ [يونس:45].

⌛إن أصحاب القبور لا يبكون على المال أو القصور، ولكنهم يبكون على ما فاتهم من الأعمار والدهور، ويتمنون أن يعودون للدنيا لحظات ليتزودوا فيها بالطاعات، فالله تعالى يصف حالهم حينما يقول أحدهم: ﴿وَأَنفِقوا مِن ما رَزَقناكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ أَحَدَكُمُ المَوتُ فَيَقولَ رَبِّ لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾ [المنافقون:10].

🔴 إنها الحسرة الكبيرة حينما تدرك أن بضاعتك قليلة وأن السفر طويل وأنك لم تتزود له بالصالحات، فأين أنت من وصية النبي ﷺ حينما قال: «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ». وكان ابنُ عمرَ رضِي اللهُ تعالَى عنه يقولُ: «إذا أصبحتَ فلا تنتظِرِ المساءَ، وإذا أمسيْتَ فلا تنتظِرِ الصَّباحَ، وخُذْ من صِحَّتِك لمرضِك، وفي حياتِك لموتِك» [أخرجه البخاري].

وما أحسن قول يحيى بن معاذ الرازي: (الدنيا خمرُ الشيطان من سَكِرَ منها لم يُفِقْ إلا في عسكر الموتى نادماً مع الخاسرين) [جامع العلوم والحكم].

🟢 فالواجب على المؤمن المبادرة بالأعمال الصالحة قبل أن تأتيه ساعة الحسرة القاسية فلا ينفع حينها الندم، وليعلم أن الدنيا مدبرة وأن الآخرة مقبلة، فأيامك في الدنيا معدودة وأنفاسك محدودة وكلما مضى من عمرك يوم اقتربت من لقاء الله يوم.

تاللهِ مــــــا الدُّنيـــــا بـــدارِ بقـــاء
كــلا وإن شيَّد الأنـــامُ قُصُورَهــــا
تتفــاوَتُ الأعمــارُ لكـن يستَـــوِي
عند الممـــاتِ طَويلُها وقَصيرُهـا
والمَوتُ غايةُ كلِّ نفسٍ فاستَــوَت
عنــد اللَّبِيبِ قُصُــورُها وقُبُورُهــا

📢 فيا من وجدت وقت الفراغ استثمر هذه الأوقات الثمينة في الخير والطاعات، فأبوابها كثيرة، ومن أهمها: القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتفسيراً، وفي المفيد النافع من العلم خاصة العلم الشرعي الذي به حياة النفوس، وبالصالحات من العبادة والتطوع، وبر الوالدين، والإحسان للآخرين، ونفع الناس وإعانتهم، وتفريج كروبهم، وإدخال السرور عليهم.

🍃 نسال الله تعالى لنا ولكم العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

🍃 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

🍃مع تحيات |
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
الثلاثاء  13. محرم 1442 هـ
الموافق: 2020/9/1 م