تغيير الواقع بالإيجابية والمبادرة: رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا

رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا..
الرسالة التاسعة:
«تغيير الواقع بالإيجابية والمبادرة»
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ.
🔸 أما بعد:
🛠صناعة التغيير واتخاذ القرار:
مما لاشك فيه أن دين الإسلام العظيم، وتربيته الإسلامية السامية، قد قرّرت قاعدة [التغيير] في حياة الإنسان والمجتمع المسلم، وجعلتها مبنيةً على مدى قدرة الأفراد على تغييرهم لأنفسهم، وهو ما يُشير إليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].
🔸 ومعنى هذا أن حكمة الله تعالى وإرادته، جعلت مسألة تغير المجتمع راجعةٌ إلى تغير ما في أنفس أفراده، فإذا غيَّر الأفراد ما بأنفسهم نحو الأفضل تغير المجتمع نحو الأفضل، وإن كان التغيير -والعياذ بالله- إلى الأسوأ كان تغير المجتمع نحو الأسوأ.
💡وهذا يؤكد أن الله -عز وجل- جعل مسألة التغيير بيد الإنسان، وأمرٌ راجعٌ إلى خياره وقراره لأنه صانع التغيير، وصاحب القرار الذي بيده أن يمضي فيه ويُحققه. ولعل مما يُعزز هذا قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال:53].
🚩 ما الداعي للتغيير؟ وهل هناك ما يُبرر الدعوة إليه والحرص عليه؟
🟢 والجواب:
أن من دواعي التغيير ما يلي:
◾️أن التغيير سُنةٌ كونيةٌ، وأمرٌ فطريٌ في هذه الحياة الدنيا؛ إذ إن حياة الإنسان قائمةٌ على مبدأ التغيير.
◾️أن في التغيير اقتداء بهدي النبي ﷺ، وسنته الشريفة التي تُخبرنا في أكثر من موضعٍ أنه ﷺ غيّر كثيراً من شؤون حياته وحياة أصحابه القولية والفعلية.
◾️أن التغيير سبيلٌ لبلوغ الكمال البشري المأمول، وتحقيق الأهداف والغايات المنشودة، وما دمنا لم نبلغ هذه الدرجة -ولن نبلغها-؛ فإن علينا أن نحرص على التغيير الإيجابي المطلوب لنقترب قدر المستطاع منها.
◾️أن التغيير دليلٌ على الطموح والتطلع والرغبة في تحقيق الأفضل والأجمل والأكمل.
🔴 أمثلة للطاقات والأوقات المهدرة في حياة كثيرٍ منا في واقعنا:
🔺كم من ساعةٍ يقضيها الكثير من الناس ولاسيما الشباب أمام الجوالات وأجهزة الحاسب الآلي؟
🔺كم من ساعةٍ يقضيها الشباب -على وجه الخصوص- وهم يتجولون هنا وهناك بلا فائدةٍ ولا مصلحة؟
🔺 كم من الساعات الزائدة ينامها كثيرٌ من الناس على مدار اليوم والليلة؟
🔺كم من الفرائض تؤخر عن وقتها وربما تضيع تساهلاً وتهاونًا والعياذ بالله؟
🔺كم من الكلمات التي يُطلقها الإنسان وهو لا يدري أهي محسوبةٌ له أم عليه؟
🔺كم من الساعات تقضيها النساء وبعض الرجال في القيل و القال؟
🔺كم من النصائح والمواعظ والمواقف التي سمعناها وعرفناها وتأثرنا بها في حينها ثم نسيناها بعد ذلك؟
🚩 وغيرها الكثير..
✅ التغيير الإيجابي:
ونقصد به التغيير نحو الأفضل والأجمل والأحسن والأكمل، وهو ما سيعتمد على محاولة تحقيق ذلك التغيير من خلال زيادة بعض التصرفات الإيجابية ولو بمقدارٍ يسيرٍ عند كل فردٍ منا، والتقليل من بعض التصرفات السلبية قدر المُستطاع.
💐 إليكم مجموعة من الأمثلة المقترحة والتي يمكن أن يتحقق جزءٌ كبيرٌ من التغيير الإيجابي المطلوب في حياتك وأثناء مكوثك في الحجر المنزلي بسبب وباء كورونا، ومنها ما يلي:
♻️ عوّد نفسك المحافظة على بعض الأذكار الثابتة عن النبي ﷺ على مدار اليوم والليلة.
♻️ إشغال لسانك بذكر الله تعالى تسبيحًا، وتهليلاً، وحمدًا، واستغفارًا ، وتكبيرًا.
♻️ الاتصال بالأقارب والأصدقاء والجيران للسلام والاطمئنان عليه.
♻️ مارس الرياضة الخفيفة لمدة خمس عشرة دقيقة يوميًا.
♻️ الجلوس مع والديك، وأفراد أسرتك وتبادل الحديث الودي معهم ولو لوقتٍ قصيرٍ يومياً.
♻️ جرِّب أن تنام مبكراً.
♻️ اجتهد أن تُصلي كل الفروض مع جماعة المسلمين في المسجد في الوضع الطبيعي أو البيت في زمن كورونا.
♻️ زد معدل تلاوتك للقرآن الكريم في اليوم الواحد بضع آيات.
♻️ حاول أن تقرأ عدة صفحات من كتابٍ مفيدٍ في اليوم الواحد.
♻️ استمع لموعظة أو درس واحدٍ في كل يوم لأحد الدعاة.
♻️ حافظ على أداء صلاة الوتر قبل أن تأوي إلى فراشك.
♻️ احرص على أداء صلاة الضحى ولو ركعتين.
📬 نصائح مهمة يجب مراعاتها وتحققها عند الرغبة في التغيير، ومنها ما يلي:
◾️استعن بالله وحده عند شروعك في مشوار التغيير؛ فهو الذي له الأمر كُله، وهو الذي يُقدِّر الأقدار، وهو الذي يشاءُ ويختار.
◾️ليكن أول تغييرٍ تحرص عليه أن تعمل على مضاعفة إيمانك بالله تعالى، وتقويته عن طريق زيادة الأعمال الصالحة التي ترضيه سبحانه.
◾️التغيير لا يمكن أن يكون إلاّ من الداخل، ولابُد أن ينبع من قناعةٍ داخل النفس، ومهما قام الآخرون بمساعدتنا، فلن يحدث التغيير عندنا إلا إذا رغبنا وبدأنا.
◾️التغيير يحتاج إلى البدء الفوري فيه، وسرعة المبادرة إليه، وعدم التسويف أو التأجيل والتأخير؛ قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].
◾️تأكد أن تحقيق التغيير المطلوب (لا ولم ولن) يحصُل بخطوةٍ واحدةٍ عملاقةٍ أو ضخمة، ولكنه يحصل بمجموعة خطواتٍ صغيرة.
◾️لا تنس أنه حتى يكون التغيير إيجابياً، فلابد أن يكون صادقاً، ومستمراً، ومنتظماً، وشاملاً.
◾️إن إحداث التغيير يجب أن يُراعي قدرات الإنسان واستعداداته، حتى لا يُحمِّل نفسه ما لا تطيق.
◾️ليكن في علمك أنه ليس هناك تغيير إيجابي دون عناءٍ أو مشقة، وهنا تكمن اللذة والاستمتاع بالانتصار على هوى النفس.
📢وفي الختام:
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لتغيير أقوالنا، وأعمالنا، ونوايانا، وجميع شأننا إلى ما فيه الصلاح، والفلاح، والنجاح، والحمد لله رب العالمين.
•••
🍃 مع تحيات |
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
الأربعاء: 14. محرم 1442 هـ
الموافق: 2020/9/2 م