الجديّة في مواجهة المخاطر والتعامل بمسؤولية

رسائل الأوقاف لمواجهة وباء كورونا

الرسالة السادسة: «الجديّة في مواجهة المخاطر والتعامل بمسؤولية»

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:

إنَّ من أهم عوامل الاستهتار وعدم الجدية الغفلة وعدم استشعار خطر المآلات، والإعجاب بالذات وتزيين الأعمال، وهذه كلها من أمراض القلوب واتباع الأهواء؛ فإنَّ الهوى يُصيب أهله ويَخْدَعُهُم ويصرفهم عن الصَّواب؛ فقد قال رسول الله ﷺ:«تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» [رواه مسلم].

ومن أبرز أسباب التهاون والاستهتار (الجهل) وهو آفة خطيرة، فالجاهلُ لا يُميِّزُ بينَ النافع والضار، ولا بين أخبار صَّادقةٍ وأخبار كاذبة، فالجاهل عدو نفسه.

أخي المسلم:

لقد مضى زمنُ الهزل، وأقبلُ الجد والأمر خطير جدُّ خطير، فدَع عنك التواني واترك التهاون جانبًا، وكن حازمًا قويًا، وقف عند مسؤوليتك واصدق مع نفسك، وقل لها: "ماذا لو تركنا الأخذ بالأسباب ولم نلتزم بيوتنا وتركنا لبس الكمامات؟، وما الذي سيحدث لنا، وإمكانياتنا محدودة، وقد عجزت دول متقدمة عن مواجهة كرونا؟".

أيها الأخ الكريم:

ينبغي أن تكون جادًّا في جميع أمورك، وأن تتخلص من مظاهر التهاون كلها، وهذا لا يعني أن تضخم المشاكل حتى تصلَ درجة التهويل والهلع والجزع، وتيّقن بأنَّ الفرج قريب ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ❆ وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ [المعارج:6،7].

وأخيرًا:

بعد هذا كله فالحَازِم مَنْ قهر جِدُّهُ هَزْلَه، وقهر رأيُه هواه، وتسلح بالأسباب التي سخرها الله جسرا لأقداره، وداوم على الدعاء: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جِدِّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير».

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

مع تحيات | الإدارة العامة للوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

الأحد 11. محرم 1442 هـ / الموافق: 2020/8/30م