جولات في الفكر الإسلامي _ 9 _ وقفات مع غزوة بدر الكبرى _

 جولات في الفكر الإسلامي

9 - وقفات مع غزوة بدر الكبرى

  

يصادف اليوم الاثنين السابع عشر من رمضان ذكرى غزوة بدر الكبرى، والتي انتصر فيها المسلمون وذلك في أول مواجهة مع معسكر الشرك، وفي هذه المقالة سأقف مع بعض الدروس في هذه الغزوة، في زمن سادت الأمة حالة من الهزائم المتكررة.

الوقفة الأولى:إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [سورة الأنفال - الآية:1،2،3].

 

الوقفة الثانية:

مادام النصر من عند الله، فيجب على المؤمنين أن يتعلموا الاعتماد على الله وحده وتفويض أمورهم إليه مع التأكيد على أن نزول الملائكة من الأسباب، وأن النصر الذي كان في بدر إنما كان بتوفيق الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة آل عمران - الآية:123] . وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ [سورة الأنفال - الآية:7،8] لقد كان الذين خرجوا للمعركة من المسلمين إنما خرجوا يريدون عير أبي سفيان، فأراد الله لهم نفير أبي جهل (ذات الشوكة ) وأن تكون معركة وقتالاً وقتلاً وأسراً، ولا تكون غنيمة ورحلة مريحة، وقد قال تعالى، إنه صنع هذا ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ [سورة الحج - الآية:19]. لقد تجسدت معاني البراء والمفاصلة يوم بدر وعاشها الصحابة واقعاً مادياً ومن ذلك:

1. كان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة في صف المسلمين، وكان أبوه عتبة وأخوه الوليد وعمه شيبة في صف المشركين، وقد قتلوا جميعاً في المبارزة الأولى.

2. كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه في صف المسلمين، وكان ابنه عبد الرحمن في صف المشركين.